0
مريان نت 2 - اسماء الخالدي -- قدسصبيْحَة كُلّ يَوم ترسِلُ الشّمسُ شآبيبَ دِفءٍ تُلَفــّعُ المَعمورَة، وِمن بَينِ جَنباتِ النّوافِذِ تَتَسلّلُ بـِخفيَة وَتهمِسُ للقلبِ الوَسنَان أنْ: قـُم، فَقَد جِئت!

لا أجمَل مِن هَمسِها، سِوى هَمسُ ذاكَ الطّيرُ يَصدَحُ في الأروِقَةِ بـأعذبِ الأنْغامِ!

ولا أرَقّ مِن طَلّتِهَا، سِوى تلكَ النّافِذةِ إنْ أطلّتْ عَلى وَطَن!
أُسْدِلُ الجفنَ حُزنَاً، فيهيمُ القَلبُ فِكْرَاً، وتَرحلُ الرّوحُ تَجمَعُ شَتاتَها فِي دَوحَةِ المَسجــِد الأقصى.
فِي القَلبِ غَصّة لا تَندَمِل، وآهاتُ شَوقٍ للرُّبَا تُلهِبُ سَاكِني، فـَتُرديني مُتـيّمَاً عَلى رَصيفِ القــُدسِ أشكِي إيلامَ الشّتات.
تتَلَعثَمُ أبجديّاتِي حِينَ تَقعُ البَصائِرُ عَلى تِلكَ الفَعائِلِ الغَاصِبَةِ.
يستَبيحونَ عَفافَ الأرضِ، دُونَما ارتِداع!
يَنهشونَ التّاريخَ بــِشرَاهَة، لِتفنيدِ حَــقّ قـَد كُتِبَ لَنَا مُنذ الأزَل.
يَبذلونَ الوِسْعَ وأكثَر، لِـغَرسِ تلكَ التُرّهاتِ فــِي رَحمِ الوَطن!
يُردونَ الرّضيعَ فِـي حِجرِ أمِّهِ أشْلاءً!
يَقصِفونَ الطَيرَ إنْ هَوى مِن الوَطنِ أفيَاءً!
يَخطِفونَ البَسمَة مِن ثُغورِ الأطفالِ، ويُبدِلونَها بتِلكَ الدّمعةِ الحَارقةِ تَتهطـّلُ مِن المآقِي!
يُقصونَ العَاشِقَ عَن وَطنِه، ويُبـِعدونَ طَالبَ العِلمِ عَن منْهَلِه!
آهٍ يَا قُدس! قـَد أوحَش الدُجى مَضاجـِعنا، ألفينَا حَالنا نـرتَجـِف إنْ قَال قائِلٌ: وَطَن! ومَا بهَذا الرَجْفِ إلاّ شَوقــَاً للقربِ أيَا حَبيبة.
سَرمَديّ ذَاكَ الحُبّ يَا وَطنِي! سَيرسُم إلى أبــَدِ الآبدينَ طَريقَه، ويَحكِي للأجيالِ قِصّتي والعَاشقينَ غَيري.
كَثيرةٌ هِي الجَرائمُ، كبيرَةٌ هِي المُعَاناة، وحشيّةٌ تِلكَ المَجازِر.
لكنّ العَزمَ أقوَى، والثِقةَ باللهِ أكبرُ، والأمَل بقدومِ النّصر أعمقُ!
تُجلجـِلُ أصواتُ الشّهداءِ الأطْهَارَ، لِتــَهُزّ أشرعةَ السّماءِ، فَتساقِطُ عَلينَا كِسَفــاً مِن يَقينٍ وثَبات.
وتــُرفَعُ أكفّ الرّوحِ إلى رَبٍ رَحيمٍ سَميعٍ، تتلو أبْجَديّة الدّعاءِ بالنّصرِ، بالحرّيَة الحمْرَاء، بالشّفاءِ مِن ذاكِ الوباء المُسّمى «احتلال»، فيَرتَقِي مُعَانِقاً سَمواتٍ سبعَ، ويَصطّفُ فِي طَريقِ الإجابَةِ، بإذن الله.
هُو الـثــَّرى أيا وَطَني، يَرفضُ الاحتلال، يَبغُضُ الغاصبين، أوكيَفَ يُحبّ مُدنّس قُدسِه، وقَاتِل نَبتِه؟!
هُوَ الزيتونُ، لا يَقبَلُ الرّحيلَ، لا يَرتَضي الهَوان، أوكيَف يَقبَلُ ذِلة؟! بَل كَيفَ يَرضى مَهانة؟!
هِي القُدسُ، حَاضِنَة الأديانِ، جَامِعة التَاريخِ، تمتطي كَبوةَ التّحرير، عَلى فــَرس الانتِصار.
لأجلَ هَذا كٌلّه، نـُقسِمُ يَا شَجَراً فــَوقَ الثــّرى أنّا عَائدون عائِدونَ عائدون.

إرسال تعليق

 
Top